15
أكد محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن الهيئة تضطلع بدور محوري في الإشراف على الأنشطة المالية غير المصرفية، وعلى رأسها شركات التأجير التمويلي والتمويل العقاري، وكل مؤسسة تمويلية لا تقبل ودائع، إلى جانب شركات التمويل متناهي الصغر، وسجل الضمانات المنقولة، وقطاع التأمين بكافة أنشطته. وأوضح أن هذا الإطار الرقابي الشامل يهدف إلى تحقيق الاستقرار وحماية المتعاملين، مع فتح المجال أمام الابتكار والنمو.
وأشار فريد إلى أن الهيئة عملت بالتعاون مع القطاع الخاص على إتاحة أدوات استثمارية جديدة، من بينها تمكين الأفراد من الاستثمار في الذهب من خلال صناديق الذهب، وهو ما أسهم في جذب شرائح جديدة من المستثمرين. وأضاف أن السماح برقمنة إجراءات التعرف على العميل كان له أثر كبير في توسيع قاعدة المستثمرين بالبورصة المصرية، حيث ارتفع عدد عمليات التكويد من متوسط يتراوح بين 25 و30 ألف مكود سنويًا، إلى 340 ألف مكود في العام قبل الماضي، ثم 240 ألفًا العام الماضي، وصولًا إلى نحو 280 ألف مكود منذ بداية العام الحالي وحتى أكتوبر.
وأوضح رئيس هيئة الرقابة المالية أن الأجيال الجديدة، خاصة من الشباب، لم تعد تمتلك الوقت أو الرغبة في الإجراءات التقليدية، مثل الانتقال إلى شركات السمسرة للتعلم أو فتح الحسابات، وهو ما جعل التحول الرقمي ضرورة وليس خيارًا. وفي هذا الإطار، أطلقت الهيئة منظومة متكاملة تشمل الهوية الرقمية، والعقود الرقمية، والسجل الرقمي، فضلًا عن تنظيم مجالات استخدام التكنولوجيا المالية لمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية ومتطلبات الامتثال، في خطوة تُعد أول إطار تنظيمي من نوعه يصدر عن جهة رقابية مالية في مصر.
وأشار فريد إلى أن الهيئة ربطت قواعد بياناتها بمصلحة الأحوال المدنية، ونسقت مع وحدة مكافحة غسل الأموال، بما أتاح للشركات التحقق الإلكتروني من العملاء قبل التعامل معهم، وتطبيق منظومة «اعرف عميلك» إلكترونيًا، إلى جانب إتاحة وثائق التأمين والعقود بصيغة رقمية كاملة. وأضاف أن هذه الإجراءات عززت الثقة ورفعت كفاءة السوق، وأسهمت في نمو ملحوظ برؤوس أموال شركات التأمين، حيث ارتفعت في بعض الشركات من 60 مليون جنيه إلى نحو 750 مليون جنيه.
وأكد رئيس الهيئة أن التطور الرقمي خلق طلبًا متزايدًا على مهن رقابية متخصصة، مثل المراقب الداخلي والمراجع الداخلي، وهي وظائف تحظى بأهمية كبيرة داخل المؤسسات المالية. وأوضح أن معهد الخدمات المالية يقدم برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الكوادر للعمل في هذه المجالات، لافتًا إلى أن الهيئة تشرف على نحو 3900 مؤسسة خاصة، جميعها تحتاج إلى هذه الوظائف التي تتطلب دقة عالية في الأداء، وهو ما جعلها من المجالات التي تشهد إقبالًا كبيرًا، خاصة من السيدات، إلى جانب الوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا والتعامل مع النظم الرقمية.
وفي سياق متصل، أشار فريد إلى أن شركات خدمات الإدارة الطبية لم تكن خاضعة لجهة رقابية في السابق، إلا أنها أصبحت تحت مظلة الهيئة بموجب قانون التأمين، وهو ما أدى إلى تأسيس عدد متزايد من الشركات العاملة في إدارة شبكات العيادات والصيدليات المتعاقدة، ورقمنة هذه الخدمات. كما لفت إلى أن مهنة وسيط التأمين تُعد من الوظائف الواعدة، حيث يبلغ عدد الوسطاء المرخصين حاليًا نحو 14 ألفًا، وتستهدف الهيئة الوصول إلى 35 ألف وسيط، بما يتيح فرص عمل لنحو 20 ألف شخص إضافي في هذا المجال.
وأوضح رئيس هيئة الرقابة المالية أن الهيئة تتعاون مع اتحاد شركات التأمين، وصندوق حماية حملة الوثائق، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، لإطلاق أول دبلومة مهنية في العلوم الاكتوارية، ممولة بالكامل من الهيئة، بهدف تأهيل كوادر متخصصة للسوق. وأشار إلى أن الدبلومة تتيح التقدم لخريجي كليات العلوم «رياضيات وفيزياء»، وكليات السياسة والاقتصاد «قسم الإحصاء»، وكليات التجارة، في إطار سد الفجوة بين التعليم واحتياجات سوق العمل.
وأضاف أن الهيئة تعمل كذلك على رفع كفاءة وسطاء التأمين، مع إتاحة برامج تدريبية ممولة جزئيًا من الشركات لإعداد الصفوف الثانية من القيادات، بما في ذلك إتاحة فرص للتعلم والتدريب بالخارج. وأكد أن الهيئة تصدر قرارات تنظيمية للشركات العاملة في مجال الرقمنة بعد دراسة التجارب العالمية، واختيار ما يتناسب مع طبيعة السوق المصرية.
وأشار فريد إلى أن نحو 17% من العقود الرقمية الجديدة تضم سيدات، مؤكدًا أن مخاطر عدم التحول الرقمي باتت أعلى من مخاطر الرقمنة نفسها، في ظل المتغيرات السريعة التي يشهدها العالم. وأضاف أن الهيئة تدرس إطلاق أنواع جديدة من الصناديق الاستثمارية، من بينها صندوق الذهب للتشغيل، بما يعزز تنوع الأدوات الاستثمارية.
واختتم رئيس الهيئة تصريحاته بالتأكيد على أن التعليم في مصر يمنح القدرة على التعامل مع المجهول، ويغرس التواضع أمام العلم، مشددًا على أهمية الاستمرار في التعلم والقراءة وعدم التوقف عن تطوير الذات، باعتبار ذلك الطريق الحقيقي لمواكبة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية.
جاء ذلك خلال جلسة تفاعلية مع الشباب، يشاركهم فيها رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رحلته المهنية والشخصية وأهم الدروس من مسيرته منذ البداية وحتى وصوله إلى مركز القيادة وصناعة القرار في القطاع المالي غير المصرفي








