أظهر استطلاع رأي حديث أن أكثر من نصف المستهلكين في المملكة المتحدة يعتقدون أن الاقتصاد يسير في الاتجاه الخاطئ، وسط مؤشرات تراجع الإنفاق الأسري لأول مرة منذ عام 2020. وأفادت صحيفة “تلجراف” البريطانية بأن هذا الانخفاض في إنفاق الأسر يأتي نتيجة لتأثيرات متعددة، أبرزها الزيادات الضريبية المتكررة وارتفاع تكاليف المعيشة، مما أدى إلى إحجام الأسر عن الصرف المكثف على السلع والخدمات.
وفقًا للتقرير، فقد أظهرت البيانات الرسمية انخفاضًا ملحوظًا في إنفاق الأسر خلال الربع الأخير من عام 2025، مما يمثل تحولًا واضحًا بعد خمس سنوات من النمو المستمر. وتشير التقديرات إلى أن الأسر بدأت في تعديل ميزانياتها اليومية وتقليص مشترياتها غير الضرورية، بما في ذلك السلع الكمالية والترفيهية، متأثرة بارتفاع الأسعار وارتفاع الفوائد البنكية على القروض الشخصية.
ويعكس هذا التراجع القلق المتزايد بين المستهلكين بشأن مستقبل الاقتصاد البريطاني، حيث عبّر أكثر من 55% من المشاركين في الاستطلاع عن اعتقادهم بأن الاقتصاد يسير في الاتجاه الخاطئ، بينما يرى 40% فقط أن الوضع الاقتصادي مستقر أو إيجابي. ويشير الخبراء إلى أن هذه النظرة السلبية تؤثر بشكل مباشر على الطلب المحلي، ما قد يحد من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الفترة المقبلة.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة البريطانية تحديات كبيرة، منها ارتفاع تكاليف الطاقة، وتأثير التغيرات في أسعار المواد الغذائية العالمية، بالإضافة إلى الضغط المستمر على الميزانية العامة نتيجة الالتزامات الضريبية الجديدة. ويشير بعض الاقتصاديين إلى أن السياسات الضريبية الأخيرة ربما تكون أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع الإنفاق، حيث تركزت الزيادات على الضرائب الاستهلاكية والسلع الفاخرة، مما أثر على قرارات الأسر بشكل مباشر.
من جانب آخر، يُتوقع أن تدفع هذه المعطيات الشركات والبنوك البريطانية إلى إعادة تقييم استراتيجيات التسعير وخطط التمويل الاستهلاكي، لضمان استمرار الطلب والحفاظ على استقرار السوق. كما قد تؤدي المخاوف الاقتصادية إلى زيادة الادخار بين الأسر، وهو ما سيكون له انعكاسات مزدوجة؛ إذ يقلل الاستهلاك على المدى القصير، لكنه قد يوفر حماية مالية للأسر على المدى الطويل.
ويشير المراقبون إلى أن مراقبة تحركات الإنفاق الأسري تعد مؤشرًا مهمًا لحالة الاقتصاد الكلي، إذ تعكس التغيرات في سلوك المستهلكين مدى ثقتهم في السياسات الاقتصادية ومستوى رفاهيتهم المالية. وتؤكد هذه البيانات على أهمية تبني استراتيجيات حكومية تدعم الأسر، مثل تخفيف الأعباء الضريبية وتوفير دعم مخصص للفئات الأكثر تأثرًا بارتفاع تكاليف المعيشة.
وبينما يراقب الخبراء عن كثب تأثير هذه التغييرات على الأسواق المحلية والعالمية، تبقى الثقة في الاقتصاد البريطاني محور اهتمام المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، إذ أن قدرة الأسر على الصرف والاستثمار تمثل عنصرًا حاسمًا في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام.








