يتجه سعر النحاس العالمي لتحقيق أكبر مكاسب سنوية منذ أكثر من عشر سنوات، معززًا بمزيج من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي أثرت على العرض والطلب في الأسواق العالمية. وأفادت وكالة “بلومبرج” أن اضطرابات الإمدادات وارتفاع تكاليف الإنتاج، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي، ساهمت بشكل رئيسي في دفع أسعار النحاس للارتفاع خلال عام 2025.
ويشير التقرير إلى أن تحسن التوقعات الاقتصادية في الصين، أكبر مستهلك للنحاس على مستوى العالم، كان له تأثير مباشر على السوق، حيث زاد الطلب على المعدن الأحمر نتيجة تعافي الصناعة والبنية التحتية، إضافة إلى تزايد الاستثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، التي تتطلب كميات كبيرة من النحاس في تصنيع الأجهزة والمعدات.
كما يلعب ضعف الدولار الأمريكي دورًا في تعزيز أسعار المعادن الأساسية عالميًا، بما في ذلك النحاس، إذ يجعل المعدن أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين الذين يسعون للحماية من تقلبات العملات. وبحسب التحليلات، فإن النحاس قد يحقق ارتفاعًا سنويًا يزيد عن 35%، وهو أعلى معدل مكاسب منذ أكثر من عقد، متجاوزًا مستويات الأسعار التي سجلها في عام 2011.
ويشير خبراء السوق إلى أن اضطرابات الإمدادات الناتجة عن مشاكل الإنتاج في المناجم الرئيسية، إضافة إلى القيود البيئية في بعض الدول المنتجة، ساهمت في تقليل الكميات المتاحة للبيع، مما أضاف ضغطًا صعوديًا على الأسعار. كما تلعب التوترات الجيوسياسية والتغيرات في السياسات التجارية دورًا محوريًا في التأثير على أسواق النحاس العالمية.
ومن المتوقع أن يستمر النحاس في جذب المستثمرين خلال العام المقبل، خصوصًا مع استمرار الطلب الصناعي على المعدن، لا سيما في القطاعات المرتبطة بالطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة. ويشير المحللون إلى أن التحركات السعرية الحالية للنحاس تعكس التوازن الدقيق بين زيادة الطلب وقيود العرض، مما يجعل المعدن من أهم السلع الأساسية التي يراقبها المستثمرون حول العالم.
وعلى المستوى الاستثماري، يرى بعض الخبراء أن النحاس يمثل فرصة للربح طويل الأجل، نظرًا لدوره الحيوي في القطاعات الصناعية الحديثة، وكذلك في مشاريع البنية التحتية الكبرى، التي تسعى الدول لتنفيذها كجزء من خطط النمو الاقتصادي والتحول الرقمي.
ويأتي ارتفاع أسعار النحاس في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية اهتمامًا متزايدًا بالمعادن الأساسية، إذ يمثل المعدن مؤشرًا على صحة الاقتصاد العالمي، ويعكس حالة النشاط الصناعي، خاصة في الاقتصادات الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا.








