ما إن تسمع الأخبار مرئية كانت أو مسموعة أو حتي مكتوبة حتي تفاجأ بسيل من التصريحات النارية الأوروبية ضد روسيا وعقوبات مغلظة كل يوم، حتي بلغت العقوبات الغربية من أمريكا وحلفائها الأوروبيون علي روسيا أكثر من 14 الف عقوبة فضلا عن تزويد الغرب لأوكرانيا بأسلحة ومعدات تخطت 120 مليار دولار من أجل هزيمة روسيا أو تدميرها اقتصاديا.. لكن عند البحث قليلا تجد أشياء عكس ذلك تحدث تماما تجعلك في حيرة من أمرك فما زالت روسيا بعد عام من حربها علي أوكرانيا وتهديد الأوروبيون تتلقى أرقاما ضخمة من عائدات تصدير موارد الطاقة المختلفة تستعملها للإنفاق على الحرب في أوكرانيا.
فقد شهد حجم التجارة بين روسيا والاتحاد الأوروبي زيادة تقدر بـ 2.3 % في 2022، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ 2014، محققا 258.6 مليار يورو
وزادت صادرات البضائع من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي في 2022 بمقدار الربع، لتصل إلى 203.4 مليار يورو، أي أقل بـ230 مليونا من تلك القصوى التاريخية المسجلة في 2012.
وتخطت العقوبات الغربية من أمريكا وحلفائها الأوروبيون علي روسيا الـ 14 الف عقوبة فضلا عن تزويد الغرب أوكرانيا بأسلحة ومعدات تخطت 120 مليار دولار ومع ذلك لم تهزم روسيا أو يتدمر اقتصادها فمؤشرات الاقتصاد الروسي تؤكد قوته وصلابته وتخطيه خطر التدمير الذي استهدفته العقوبات الغربية وقد حققق القطاع المصرفى الروسى أرباحا بلغت 203 مليارات روبل فى 2022، فضلا عن تضاعف حجم التبادل التجارى بالعملة الروسية “الروبل” منذ ديسمبر الماضى وتراجعت البطالة إلى مستوى تاريخى منخفض بلغ 3.7%، إضافة إلى ارتفاع إنتاجية محاصيل الحبوب لأكثر من 150 مليون طن، وتصدير كميات غير مسبوقة من الحبوب بنحو 60 مليون طن فى السنة.
فالولايات المتحدة الأمريكية وأكثر من 40 دولة أخرى فرضوا عقوبات غير مسبوقة على روسيا منذ 24 فبراير 2022 وقد تضمنت هذه العقوبات الأولية تجميد الأصول الروسية فى الخارج وفرض حظر على تصدير التقنيات الرئيسية إلى روسيا على وتم تصعيد العقوبات بشكل كبير حيث بدأ الاتحاد الأوروبى فى نهاية المطاف فى خفض جذرى لشراء النفط والغاز الروسي وبشكل منفصل، أغلقت أكثر من 1200 شركة غربية عملياتها فى روسيا لكن الاقتصاد الروسي وعلى عكس التوقعات امتص الصدمة الأولى واستطاع تجنب الانهيار وواصل الصمود والتحدي.
والمتابع للمشهد يتوقع تحسن أداء الاقتصاد الروسي خلال العامين المقبلين، وان ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 2.1% خلال العام المقبل فالبيانات الرسمية الروسية كشفت أن الاقتصاد الروسي سجل أداء في العام 2022 أفضل من المتوقع على الرغم من العقوبات غير المسبوقة التي فرضت بذريعة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كما أن إجراءات البنك المركزي حافظت على الاستقرار المالي في البلاد، بالإضافة إلى ذلك فإن الميزان الإيجابي للحساب الجاري لميزان المدفوعات ومراقبة الحكومة لأسعار السلع ذات الأهمية الاجتماعية أدى إلى استقرار معدلات التضخم.
والحقيقة أن العقوبات الغربية لم تضر روسيا فقط ولكن أضرت بالتجارة الدولية ككل، حيث خلقت عقبات مصطنعة على طرق التجارة المستخدمة على مر السنين، ونتج عن ذلك أزمة غذاء عالمية أضحت إحدى التبعات البعيدة المدى للحرب الروسية على أوكرانيا، وتسهم في تفشي المجاعة والفقر والوفيات المبكرة، حيث يقدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأن أكثر من 345 مليون شخص يعانون أو معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي أكثر من ضعف العدد المسجل في عام 2019.
ورغم تلك العقوبات لا تزال أصوات القذائف والصواريخ مستمرة بين روسيا وأوكرانيا دون أي ملامح عن حل وشيك للعملية العسكرية التي بدأت في 24 فبراير من العام الماضي.