قرار مجلس الوزراء الخاص بتطبيق نظام العمل عن بعد لبعض العاملين بالجهاز الإداري بالدولة دون الحاجة إلى التواجد بمقر العمل، يحقق عدة مكاسب اقتصادية.
وقد شهد العالم، تحولا كبيرا نحو الرقمنة والحوكمة على كافة المستويات وانتشر مفهوم “العمل عن بعد” ليس فقط بين الشركات العاملة في قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا بل تخطاه إلى قطاعات اقتصادية أخري صناعية كانت أو زراعية أو سياحية وصولا إلى التعليم والثقافة والسياسة والفكر والأدب وغيرها.
وأهم هذه الفوائد هو زيادة الإنتاج وجودة العمل لعدم ضباع وقتهم في المواصلات والطرق للوصول إلى مقر العمل، وبالتالي التركيز أكثر في العمل، كما يمكن الاستعانة بالخبرات من مناطق بعيدة أو حتي من خارج المحافظة والدولة حيث يمكن توظيف اشخاص من ثقافات ومناطق مختلفة بما يتيح بيئة خصبة لتوليد الأفكار، كما يساعد العمل عن بعد في رفع معنويات الموظف ويخفض تكاليف الانتاج من فواتير كهرباء ومياه وانترنت وصيانة أماكن العمل والمكاتب ونفقات الوقود في سيارات الأجرة أو وسائل النقل العام ونفقات الوجبات الغذائية، لأنهم سيتناولون وجباتهم في منازلهم، فضلا عن مرونة في اختيار أوقات العمل وإدارة الوقت، فأصحاب العمل سيستفيدون من إنتاجية أكبر، والموظفون عن بعد سيتمتعون بحياة أفضل.
وحسب تصريحات الدكتور هاني محمود وزير التنمية الإدارية الأسبق، فإن هناك مليوني موظف بالجهاز الإداري يمكنهم العمل عن بعد، كما أن 80% من العمل لا يتطلب التواجد في المكاتب، فهناك تغيرات كبيرة في نظم العمل على مستوى العالم.
ويقدم نظام العمل عن بعد حلولا مهمة وعصرية تسمح للمرأة العاملة والام بمتابعة عملها دون الحاجة للانقطاع عن العمل بسبب العناية بأسرتها، كما يمكن تقديم فرص توظيف جديدة لذوي الاحتياجات الخاصة وتمكينهم من دخول سوق العمل بصورة أكبر، وكسر الروتين والبيروقراطية واستثمار الوقت وتوفير الطاقة وتقليل الضغط النفسي المبذول في الذهاب والعودة وتقليل تكاليف التنقل والملابس ما يشجع على الادخار، كما يتم تقليل نفقات صاحب العمل مثل الانفاق علي الورق أو الأجهزة والتكييف والتدفئة والإضاءة واستخدام مرافق المكاتب، فالعمل في شركة عن بعد لا يفرض على الموظفين البقاء في مكاتبهم والالتزام بساعات عمل طويلة.
نظام العمل عن بعد، عبارة عن العمل من أي مكان خارج مكتب العمل، فيمكن للعامل العمل في بيته أو المقهى الخاص به أو اختيار أي طريقة أخرى وبدأت العديد من الشركات حول العالم باعتماد أسلوب العمل عن بعد بسبب الفوائد الكبيرة التي يقدمها للشركة والموظفين، وهو أسلوب عمل مفيد من الناحية الاقتصادية للشركة والمصانع والجهات الادارية لتوفير نفقات استئجار أو شراء وصيانة المكاتب وشراء المعدات والأثاث.
الحاجة الي نظام العمل عن بعد والعمل عبر الإنترنت، ظهرت مع عمليات الإغلاق التي تسبب به وباء كورونا وأوامر الحجر المنزلي كما أن العمل عن بعد يساعد على حماية البيئة وتقليل التلوث فمن خلال تقليل التنقل من وإلى المكتب، يقلل الموظفون من التنقل واستخدام المركبات واسخدام البصمة الكربونية بالعمل ورسوم وقوف السيارات، ويقلل المساحات المكتبية وتخفيف تلوث البيئة وبالتالي توفير فاتورة الإنفاق علي الصحة العامة ومكافحة الامراض فالتنقل إلى العمل يوميا يرتبط بمشكلات صحية مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول وارتفاع نسبة السكر في الدم وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
كما أن العمل عن بعد سيخلق الملايين من فرص العمل الجديدة في مع تطور الصناعات غير التكنولوجية، وهو ما سيكون له تأثيرات مستقبلية كبيرة على الاقتصاد وطرق العمل في العالم كله، فهناك قطاعات تقليدية كالزراعة والتعدين والبناء أدركت أن العديد من الوظائف الخدماتية المساندة لها والتي لا تحتاج إلى وجود الموظفين في مكان العمل للقيام بها يمكن القيام بها عن بعد، ويمكن اعتبار أن 40% من الوظائف في القطاعات غير التقنية يمكن إنجازها عن بعد.
وعلى المؤسسات والشركات إعادة هندسة عملياتها من أجل تحقيق درجة من الانسابية في أعمالها، وتدشين تطبيقات أعمال تعتمد علي الانترنت والعمل عن بعد والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن والحوسبة السحابية، وتطوير البنية التحتية الرقمية للتكيف مع العمل من المنزل.
وأثار الاعتماد في بعض الشركات على الذكاء الاصطناعي بديلا عن الموظفين، من خلال التقنيات والبرامج الحديثة، حالة من القلق لدى قطاع كبير من الموظفين والشباب خوفا من اعتماد شركات المستقبل على الذكاء الاصطناعي، وتضاؤل الفرص أمامهم، في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة في كل العالم، خاصة وأن كشف تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي كشف بأن الأعوام الخمسةى المقبلة قد تشهد اختفاء 14 مليون وظيفة، في العالم وأن الذكاء الاصطناعي سيشكل في هذا المجال، قوة إيجابية وسلبية، في الوقت نفسه.