يحظر قانون رعاية المريض النفسي إبقاء المريض النفسي إلزامياً بإحدى منشآت الصحة النفسية لأكثر من أسبوع إلا بعد إجراء تقييمين نفسيين للمريض بواسطة أخصائيين للطب النفسي مسجلين لدى المجلس الإقليمي للصحة النفسية المختص بحسب الأحوال، أحدهم من خارج المنشأة والآخر من العاملين بها، على أن يكون أحدهم موظفاً حكومياً.
يهدف هذا الإجراء إلى ضمان التقييم العادل والشامل لحالة المريض النفسي، وذلك لتفادي أي انتهاك لحقوقه الإنسانية. التقييم النفسي من خارج المنشأة يعزز النزاهة ويقلل من احتمالات التحيز، بينما يضمن التقييم الداخلي استمرار المتابعة الحثيثة لحالة المريض داخل المنشأة. هذه الآلية تعد من أبرز وسائل الحماية القانونية التي تضمن عدم استغلال أو إساءة معاملة المرضى النفسيين، حيث تضمن عدم وجود تضارب في المصالح أو محاباة في التقييم.
وفقاً للقانون، لا يجوز أن يتم التقييم بواسطة أخصائيين يعملان بجهة واحدة. ويرسل التقييمان إلى المجلس الإقليمي للصحة النفسية خلال سبعة أيام من استبقاء المريض إلزامياً، ويرفق بهما النموذج المستخدم لذلك. هذا الإجراء يضمن الشفافية في عمليات التقييم ويتيح للمجلس مراجعة كل حالة بعناية. وجود تقييمين من جهتين مختلفتين يضيف بعداً إضافياً من الدقة والمصداقية للتقييم النهائي لحالة المريض.
إذا لم يتم استيفاء هذه الإجراءات في المواعيد المحددة، تنتهي حالة الدخول الإلزامي للمريض، وتتحمل المنشأة ما قد ينجم عن ذلك من آثار. وهذا يعني أن أي تأخير أو تقصير في استكمال التقييمات النفسية وفقاً للقانون يؤدي إلى إخلاء سبيل المريض، مما يعزز من أهمية الالتزام بالإجراءات القانونية لحماية حقوق المرضى النفسيين. تتضمن هذه الآثار القانونية والمسؤولية المدنية التي قد تواجهها المنشأة الصحية في حال عدم الامتثال للإجراءات القانونية.
تنتهي حالة الدخول الإلزامي للمريض أيضاً إذا لم يقتنع المجلس الإقليمي للصحة النفسية بنتائج التقييم النفسي المقدمة إليه. يقوم المجلس القومي للصحة النفسية أو المجلس الإقليمي للصحة النفسية بفحص الحالة مرة أخرى للتحقق من صحة التقييمات المقدمة. هذا الإجراء يضيف طبقة إضافية من الحماية لضمان عدم الإبقاء على أي مريض في المنشأة النفسية بدون مبرر قانوني وعلمي واضح. المجلس الإقليمي للصحة النفسية يتولى مسؤولية ضمان تطبيق القانون بشكل صحيح وعادل، ويمثل الجهة الرقابية النهائية في هذه العملية.
تُعد حماية حقوق المرضى النفسيين وضمان تقديم الرعاية اللازمة لهم من أهم أهداف هذا القانون.
فالإبقاء على المريض في منشأة صحية نفسية بدون مبرر قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية سلبية على المريض، وبالتالي، فإن الإجراءات القانونية تضمن أن تكون كل خطوة تتخذ بحق المريض مدعومة بتقييم علمي وموضوعي. تعزز هذه الإجراءات من ثقة المرضى وأسرهم في النظام الصحي النفسي، وتشجع على طلب المساعدة الطبية عند الحاجة.
تنص المادة (45) من قانون رعاية المريض النفسي على عقوبات رادعة لكل من يخالف هذه الإجراءات. يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين:
- كل طبيب أثبت عمداً في تقريره ما يخالف الواقع في شأن الحالة النفسية أو العقلية لأحد الأشخاص بقصد إدخاله المنشأة أو إخراجه منها. هذه الفقرة تهدف إلى منع التلاعب في التقارير الطبية لحالات المرضى النفسيين، حيث يمكن أن يؤدي التلاعب إلى إلحاق ضرر كبير بالمريض. التلاعب في التقارير النفسية يعد انتهاكاً خطيراً لأخلاقيات مهنة الطب ويمثل تعدياً على حقوق المرضى.
- كل من حجز أو تسبب عمداً في حجز أحد الأشخاص بصفته مصاباً بأحد الأمراض النفسية أو العقلية في غير الأمكنة أو الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون. الهدف من هذه الفقرة هو منع الاحتجاز غير القانوني للأفراد، وضمان أن يكون أي احتجاز بناءً على أسس قانونية وعلمية صحيحة. هذا يعزز من مصداقية النظام الصحي ويضمن عدم استغلال المرضى الضعفاء.
يشدد القانون على أهمية احترام حقوق الإنسان والعدالة في التعامل مع المرضى النفسيين. وقد تم وضع هذه التشريعات لضمان توفير الرعاية النفسية اللازمة بشكل يضمن الكرامة الإنسانية وعدم استغلال المرضى أو التعدي على حقوقهم. النظام القانوني يهدف إلى خلق توازن بين حماية المجتمع وتوفير الرعاية الصحية الضرورية للمرضى النفسيين بطريقة تحترم حقوقهم الإنسانية.
تاريخياً، كانت حقوق المرضى النفسيين مهملة في العديد من الدول، حيث تعرضوا للإهمال وسوء المعاملة. ومع التقدم في مجال حقوق الإنسان وزيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية، بدأت الدول في وضع قوانين لحماية هؤلاء المرضى وضمان حصولهم على الرعاية اللازمة. يعد قانون رعاية المريض النفسي جزءاً من هذه الجهود الرامية إلى تحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية. يعتبر هذا القانون خطوة متقدمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان أن يكون لكل فرد الحق في الحصول على العلاج المناسب في بيئة آمنة ومحترمة.
من الأهمية بمكان أن يكون المجتمع على دراية بهذه القوانين وأن يشارك في مراقبة تطبيقها لضمان عدم حدوث أي تجاوزات. يحتاج العاملون في مجال الصحة النفسية إلى التدريب المستمر حول حقوق المرضى والتشريعات المتعلقة بهم لضمان تقديم رعاية ذات جودة عالية تراعي حقوق الإنسان. التدريب المستمر والتوعية بأهمية احترام حقوق المرضى النفسيين يعزز من جودة الرعاية المقدمة ويضمن الالتزام بأعلى معايير الأخلاقيات المهنية.